معاداة السامية (Anti- Semitism) .. والتوظيف لصالح المشروع الصهيوني

مفهوم "العداء للسامية" مفهوم يهودي صهيوني معناه الحرفي "ضد السامية"، ويترجم أحيانا إلي العربية "بالمعاداة للسامية"، و"اللاسامية"، و"كراهية السامية". ويقصد ب "الساميون" حرفيا سلالة سام بن نوح عليه السلام.

وتذكر دائرة المعارف اليهودية في تعريف مصطلح "معاداة السامية" بأنه مستخدم منذ نهاية القرن التاسع عشر للإشارة إلي أي حركة منظمة ضد اليهود أو أي شكل آخر من أشكال العداء لليهود واشار المصطلح وقتذاك إلي كراهية اليهود بشكل عام، وهو عداء موجه إلي أشخاص يدينون باليهودية أو يعودون إلي أصول يهودية خوفا من اندماجهم في المجتمع علي اعتبار أن هذا يحقق لليهود مزيدًا من الحراك والصعود الاجتماعي. وهذا يختلف عن التعصب ضد اليهود في العصر الوسيط لأن هذا التعصب اتخذ طابعاً دينياً كان من الممكن أن ينتهي بالدخول في المسيحية.

والساميون هم أحد الأجناس البشرية الثلاث التي أوردتها التوراة وهي:

- الساميون، وينسبون إلي سام بن نوح عليه السلام، وعادة ما يشار بهم إلي الشعوب الساكنة في شبه الجزيرة العربية، وفي بلاد النهرين (العراق القديم)، وفي المنطقة السورية (سكان سوريا ولبنان وفلسطين)، وإن كانت التوراة قد أخرجت الكنعانيين من أسرة الساميين وضمتهم إلي الحاميين كنوع من الانتقام منهم ولعنتهم.

- الحاميون، وينسبون إلي حام بن نوح عليه السلام، ويقصد بهم الشعوب الساكنة في القارة الأفريقية بلونهم وملامحهم المعروفة.

- اليافثيون، وينسبون إلي يافث بن نوح عليه السلام وهم أصل الشعوب الهندوأوروبية الساكنة في منطقتي الشرق الأقصي وأجزاء من الشرق الأدني القديم (بلاد فارس) والشعوب الأوروبية. وهو تقسيم عرقي يقوم علي أساس من اللون.

وهكذا يقصد بالعداء للسامية عداء الشعوب اليافثية والحامية (الهندوأوروبية والأفريقية) للشعوب السامية. وقد تم اختزال "العداء للسامية" في اليهود وإخراج بقية الساميين من حظيرة السامية، واعتبار اليهود ساميين يعيشون في مجتمعات ليست سامية هي المجتمعات الهندوأوروبية.

ومع تطور المقاومة العربية للمشروع الصهيوني تم توجيه الاتهام إلي العرب بمعاداة السامية ووقوفهم في طريق المشروع الصهيوني واضطهادهم للأقليات اليهودية في البلاد العربية، وارتكابهم مجازر ضد هذه الأقليات لدفعها إلي الهجرة إلي فلسطين قبل قيام (إسرائيل) وبعدها وبعد سيطرة الخطاب الصهيوني علي النشاط الإعلامي الغربي لم تعد هناك تفرقة بين معاداة اليهود ومعاداة السامية ومعاداة الصهيونية ومعاداة (إسرائيل) ويشير المصطلح في الفترة الأخيرة إلي عدة مدلولات أهمها:

1 - ما يزعم الصهاينة أنه أشكال جديدة من معاداة السامية ويضربون مثلاً لهذا بالعداء للدولة الصهيونية، فحينما ترتكب الدولة الصهيونية مذبحة في فلسطين أو لبنان وتدينها معظم دول العالم وحينما تبني مستوطنة جديدة في القدس وتصدر الأمم المتحدة قرارًا بالإدانة، فإن هذا يكون تعبيرًا عن النمط القديم والعداء الأزلي لليهود.

2 - يستخدم المصطلح أيضًا للإشارة إلي ما يسميه الصهاينة (معاداة السامية) الإسلامية أي عداء المسلمين لليهود (دون ذكر الأسباب) ويرون أن هذا العداء آخذ في التزايد، حيث ينظر المسلمون إلي اليهود باعتبارهم أعداء الله.

وإذا كان العرب والمسلمون من بين أهم الأطراف التي اتهمت بالعداء للسامية. ويكتب تاريخها العام بواسطة المؤرخين الصهاينة من زاوية العداء والكراهية فإن التاريخ العربي كله يشهد بالعلاقات الطيبة مع اليهود، كما أن المؤرخين اليهود الموضوعيين والسابقين لظهور الصهيونية اعتبروا حياة اليهود في العالم العربي والإسلامي تمثل العصر الذهبي في التاريخ اليهودي وعليه يمكن اتخاذ تاريخ العلاقات اليهودية الإسلامية دليلاً قاطعًا علي زيف نظرية المعاداة للسامية.

فضلا عن انه يمكن طرح السؤال التالي : إذا كانت نظرية معاداة السامية نظرية عرقية فكيف يمكن توجيه تهمة العداء للسامية إلي العرب وهم ساميون ؟ نظرا لأن توجيه هذه التهمة ينطوي علي العديد من المغالطات التاريخية والإثنية العرقية. ومن أهم هذه المغالطات:

* إن العرب "ساميون" ويمثلون الأصل الأول للساميين ولا يمكن للعرب أن يكرهوا أنفسهم كساميين ويضطهدون أنفسهم ويعادون جنسهم.

* إن توجيه التهمة إلي العرب معناه إنكار سامية العرب وأن اليهود هم فقط الذين يمثلون الساميين.

* إن العرب لم يضطهدوا اليهود في التاريخ بسبب عرقهم ولا بسبب دينهم. وتثبت معطيات التاريخ اليهودي واعترافات المؤرخين اليهود أن البلاد العربية والإسلامية كانت دائما ملاذا لليهود يفرون إليه من الاضطهاد الأوروبي لهم سواء لأسباب دينية أو لأسباب عرقية كما يدعي اليهود.

* إن اتهام العرب بالعداء للسامية يدخل ضمن إطار تعميم نظرية معاداة السامية لتشمل العالم كله. ويتم في نفس الوقت قصر الساميين علي اليهود، وهذا فيه مغالطتان هما: اتهام البشرية كلها بمعاداة السامية، وتحديد اليهود فقط كساميين. وكأن العداء البشري لليهود عداء عرقي إثني.

* إن معاداة السامية اختراع يهودي أوروبي ليس له علاقة بالبلاد العربية ويتصل بمشكلة اليهود في أوروبا.